ولا يمكن لأي دولة قررت الانضمام إلى هذا الوهم الذي ابتدعته فرنسا سنة 2007 لإنقاذ النظام المخزني، أن تخرج وتقول إنها تقف إلى جانب المنتصر، لأنه لا أحد انتصر على الإطلاق، وخاصة النظام المغربي، الذي سيكون قد أنهى إبرام أحقر صفقة في التاريخ. صفقة اشترى بها موقفًا بدماء الشعب الفلسطيني، لذلك فالحبر الذي يُكتب به “مقترح الحكم الذاتي” في أي مشروع قرار أو قرار محتمل لمجلس الأمن، مستخلص من دماء عشرات الآلاف من الفلسطينيين.
المخزن المغرب الصحراء الغربية الولايات المتحدة إسرائيل التطبيع فلسطين مجلس الأمن
مجلس الأمن قد يهزم نفسه مرة أخرى !؟
بقلم: المعتز بالله منصوري
أما وإن حدث، وأُدرج ما يسمى “مقترح الحكم الذاتي” في مناقشة مجلس الأمن المنتظرة لتجديد ولاية المينورسو في الصحراء الغربية، فإن ذلك يعني شيئًا واحدًا، هو أن رأس النظام الدولي القائم قرر إطالة عمر الظلم، وقرر في الوقت ذاته، إدانة نفسه بنفسه.
ولا يمكن لأي دولة قررت الانضمام إلى هذا الوهم الذي ابتدعته فرنسا سنة 2007 لإنقاذ النظام المخزني، أن تخرج وتقول إنها تقف إلى جانب المنتصر، لأنه لا أحد انتصر على الإطلاق، وخاصة النظام المغربي، الذي سيكون قد أنهى إبرام أحقر صفقة في التاريخ. صفقة اشترى بها موقفًا بدماء الشعب الفلسطيني، لذلك فالحبر الذي يُكتب به “مقترح الحكم الذاتي” في أي مشروع قرار أو قرار محتمل لمجلس الأمن، مستخلص من دماء عشرات الآلاف من الفلسطينيين.
هذا هو الواقع وتلك هي الحقيقة، إذ لم يكن ممكنًا على الاطلاق أن يحصل المغرب على دعم مماثل دون قبوله باتفاق التطبيع التام والشامل مع الكيان الصهيوني أواخر 2020.
لم يكن ممكنًا للنظام المغربي الاستمرار والحصول على كل هذا الدعم، لولا ميناء طنجة الذي تتوقف فيه السفن المعبأة بالقنابل الفتاكة والأسلحة المدمرة، قبل أن تواصل طريقها نحو قتل الفلسطينيين وإبادتهم.
هذا هو الثمن، وهذه هي الصفقة التي تحمل كملحق موافقاتٍ ضمنية وعلنية على قبول النظام المغربي بأن يُمعن في دوره الوظيفي، وأن يمنح أراضي المغرب للصهاينة والشركات الفرنسية، دون أن يكترث بتبعات ذلك على الشعب المغربي، حيث يكفيه احتفاظه بالقصر الملكي.
كانت المعلومات تتواتر بشأن قرار دول أوروبية الانضمام إلى هذا المقترح، وأنها كانت تتحيّن الفرصة لإعلان ذلك، ومثال ذلك بلجيكا.
هذه الأخيرة، وهي التي تحتضن مقرّ الاتحاد الأوروبي بعاصمتها بروكسل، حينت موقفها رغم يقينها بمخالفة الشرعية الدولية وكل الأطر القانونية المتعلقة بالصحراء الغربية.
بروكسل، التي هزمها قضاؤها الخاص ممثلًا في محكمة العدل الأوروبية عدة مرات بخصوص الاتفاقيات التجارية والفلاحية مع الاحتلال المغربي، تدرك جيدًا أن مشاطرة الدول الأوروبية للطرح المغربي تمثل هزيمة أخرى للقانون الدولي والإنساني.
نعم، هزيمة للقانون الدولي وللأمم المتحدة ولمجلس الأمن، وليس هزيمة للشعب الصحراوي أو للقضية الصحراوية التي ستظل قضية عادلة، وستمضي نحو مسارها الطبيعي مثل مياه النهر التي لا تمنعها الجبال الشامخة عن بلوغ وجهتها وإن طالت المسافة.
مناقشة ما يسمى بمقترح الحكم الذاتي من قبل مجلس الأمن الدولي، سيؤكد مرة أخرى تلاشي دور الأمم المتحدة وكل هيئاتها أمام عودة منطق القوة والأيديولوجيا الاستعمارية والتنافس الجيوسياسي القائم على العنف والصراع.
وسيؤكد أيضًا أن المشروع الصهيوني يتمدد في نطاق جغرافي خارج الشرق الأوسط، وليس المغرب سوى ميدانٍ وساحة توسّع لا غير.
ومن غير المجدي الحديث عن براغماتية أو حنكة في اقتناص الفرص التي تتيحها الظروف الدولية القائمة، لأن منطق القوة والغطرسة أو ما يُعرف بمبدأ “السلام من خلال القوة” خدمةً للمشروع الصهيوني، هو الذي سيسمح بإطالة عمر الظلم في الصحراء الغربية.
القضية الصحراوية ستظل ضمن إطارها القانوني الدولي، الذي أقرّته محكمة العدل الدولية سنة 1975، وأكدته كل اللوائح والقرارات منذ ذلك الوقت.
ولا يمكن أن يتأثر هذا الإطار بحمى التنافس الدولي بين المجموعة الأطلسية وروسيا والصين، حتى وإن وصل الأمر إلى انهيار كامل للنظام الدولي القائم منذ 1945، لأن مصير القضية مرتبط بإرادة الشعب الصحراوي وحده، وإرادته في مواصلة النضال.
المصدر : الجزائر اليوم