ورقة سياسية
محمد قنديل – مدون، ناشط حقوقي وسياسي مغربي مستقل
منذ وصول محمد السادس إلى الحكم سنة 1999، تسارعت وتيرة تصفية المعارضين سياسيًا وأمنيًا بوسائل مباشرة وغير مباشرة.. ولم يكن هذا التوجه ممكنًا لولا الإعتماد على رجل الظل، ومهندس الدولة الأمنية، علي الهمة إبن آسية الشوافة، المستشار الملكي في الشؤون الأمنية والسياسية، والمشرف الفعلي على التصفية الجسدية والمعنوية للخصوم والمعارضين داخل أجهزة الدولة وخارجها.
الإغتيالات السياسية.. حالات نموذجية :
شهد المغرب خلال العقدين الأخيرين حالات وفاة مشبوهة لعدد من الشخصيات السياسية والقضائية، في ظروف تثير الكثير من التساؤلات، خاصة في ظل غياب التحقيقات الجادة والمستقلة. ومن أبرز هذه الحالات :
هشام المنظري : شخصية بارزة ومقرب سابق من القصر، توفي في ظروف غامضة بعد كشفه عن ملفات حساسة مرتبطة بالملك الحسن الثاني والمحيط الملكي.
عبد الله باها : وزير دولة عن حزب العدالة والتنمية، تم دهسه بقطار في واقعة يشوبها الغموض التام، خصوصًا أن وفاته جاءت بعيدًا عن أي سياق منطقي لتواجده في موقع الحادث، خاصة وأن للرجل مواقف صلبة ومباشرة تجاه فساد الملكية ومحيطها.
أحمد الزايدي : قيادي إتحادي معروف بمواقفه المستقلة، توفي في حادث وهمي » بواد الشراط » ، الرجل معروف بمواقفه الجريئة تجاه النظام ككل الشيء الذي تسبب في إحراج كبير لحزب الوردة .
مراد الصغير : الملقب بالطبيب العسكري، الذي ياما أزعج المخزن بخرجاته الصريحة، الأمر الذي حذا بالمخزن للتخلص منه بأي ثمن.
عبد الوهاب بلفقيه : سياسي نافذ في الجنوب، أُعلن عن وفاته برصاصة في البطن في ظروف تزامنت مع تراجعه عن دعم مشروع سياسي تابع للمخزن.
عدنان الرحالي : طالب جامعي بكلية الآداب بجامعة إبن زهر بأكادير، وناشط طلابي معروف بمواقفه السياسية الجريئة، تم إختطافه من داخل الحرم الجامعي في ظروف غامضة، ليُعثر عليه لاحقًا جثة هامدة.. لم يُفتح أي تحقيق جاد في ملابسات وفاته، رغم إفادات الشهود التي تحدثت عن ضلوع أجهزة الأمن بزي مدني في إختطافه، ما يعزز فرضية التصفية السياسية، خاصة وأنه كان على إطلاع بملفات أمنية ثقيلة من خلال عمل والده الذي شغل مناصب أمنية هامة قبل أن يحال على التقاعد.
حسن مطر : الوكيل العام للملك بالدار البيضاء سابقًا، أحد أبرز رجال القضاء، توفي مباشرة بعد تقاعده، في وقت كان قد اطّلع على ملفات حساسة جدًا، خاصة تلك المتعلقة بالإرهاب الذي صنعه المخزن بتدبير من علي الهمة نفسه، وتواطئ الأجهزة المخابراتية.. الأمنية والقضائية.. فتردد حينها أن الرجل » كان يعلم أكثر مما ينبغي « ، فكان لا بد من » إسكاته « .
تصفية المواطنين.. تحت التعذيب أو بالإهمال المتعمد :
القمع لم يقتصر على السياسيين، بل طال أيضًا المواطنين العاديين الذين وجدوا أنفسهم ضحية لتجاوزات قاتلة من قبل الأجهزة الأمنية :
ياسين الشبلي : قُتل تحت التعذيب داخل مخفر الشرطة بمدينة إبن جرير، حيث تم توثيق آثار العنف الشديد على جسده، ومع ذلك زعمت السلطات أن الوفاة كانت » طبيعية « .
يوسف بجاج : شاب مغربي تم إسقاطه عمدًا من على دراجته النارية من طرف عناصر الشرطة بالدار البيضاء، ما أدى إلى وفاته، في جريمة موثقة بالصوت والصورة، دون أن يُحاسب أي من المتورطين.
يوسف تيجي : الشاب المغربي إبن مدينة آسفي، صاحب المقهى الذي رفض إعطاء إيتاوة ( رشوة ) للشرطة فكان مصيره القتل بالشارع العام دهسا بتاريخ 04 يوليوز 2024
علي الهمة وقمع الحركات الإجتماعية :
بصفته الموجه الأول للأجهزة الأمنية، والمشرف على الإستراتيجية الأمنية العامة، لعب علي الهمة دورًا محوريًا في قمع عدة انتفاضات شعبية، نذكر منها :
16 ماي 2003 : تم إستغلال التفجيرات لشن حملات قمع غير مسبوقة، شملت آلاف الإعتقالات وأحكامًا جائرة، ضمن خطة لإحكام القبضة الأمنية.
سيدي إيفني 2008 : تدخل وحشي ضد الساكنة المحتجة على التهميش، نتج عنه جرحى وإعتقالات وتعذيب ممنهج إگديم إزيك 2010 : تفكيك دموي لمخيم إحتجا سلمي في الصحراء الغربية، أُعقبه محاكمات عسكرية جائرة.
حراك الريف 2017 : قُمعت إنتفاضة الريف السلمية بالإعتقالات العشوائية، والتعذيب، والأحكام القاسية بحق ناشطي الحراك وعلى رأسهم ناصر الزفزافي.
حراك جرادة 2018 : دهس الطفل ( عبد المولى زعيقر ) بواسطة سيارة القوات المساعدة، وإعتقال العشرات من أبناء جرادة المنسية، بعد خروج الساكنة للإحتجاج على التهميش والإقصاء، إثر وفاة ثلاثة شبان من أبناء المنطقة في كهوف الفحم.
المسؤولية الجنائية الدولية :
علي الهمة لا يمثل فقط مستشارًا، بل هو الرأس المدبر والمنفذ الفعلي للسياسات الأمنية التصفوية في المغرب.. وبتواطؤ واضح من النيابة العامة والقضاء والأجهزة الأمنية، يتمتع بالإفلات الكامل من العقاب، ما يجعلنا أمام منظومة جرائم دولة ممنهجة.
مطالب عاجلة :
فتح تحقيق دولي مستقل في جميع حالات الوفاة السياسية المشبوهة في المغرب منذ 1999.
تحميل النظام المغربي المسؤولية الجنائية عن هذه الإنتهاكات الممنهجة، بإعتبارها جرائم ضد الإنسانية.
إدراج علي الهمة ( الحمة ) ضمن لوائح العقوبات الدولية، ومنعه من التنقل أو التعامل المالي مع المؤسسات الغربية.
إحالة هذه القضايا على المحكمة الجنائية الدولية، وفقًا لمبدأ الولاية القضائية العالمية.