يمثّل القرار 2797 مكسبًا دبلوماسيًا للمغرب، لكنه لا ينهي قضية الصحراء الغربية. ما تزال الأمم المتحدة تعتمد على مبدأ تقرير المصير، ولا يمكن لأي قرار من مجلس الأمن أن يمحو هذا الأساس القانوني.
Tags : الصحراء الغربية قرار مجلس الأمن جبهة البوليساريو القرار 2797 (2025) الحكم الذاتي
خلف العناوين والتصريحات الدبلوماسية التي توحي بأن مجلس الأمن أصبح يقف في صفّ المغرب، تكمن حقيقة أكثر تعقيدًا – حقيقة تتمحور حول الحق نفسه الذي أمضت الرباط عقودًا في محاولة طمسه: حق تقرير المصير.
لقد حظي قرار مجلس الأمن الأخير بشأن بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية، القرار 2797، باهتمام غير معتاد هذا العام – إلى حدّ كبير بسبب الإشارة إلى « مقترح الحكم الذاتي المغربي » كأحد الأسس الممكنة لاستئناف المفاوضات. بعض وسائل الإعلام الدولية قدّمت ذلك على أنه انتصار دبلوماسي للمغرب، أو حتى كعلامة على أنّ الأمم المتحدة بدأت تتخلى عن دعمها لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
غير أنّ هذا التصوّر لا يصمد أمام الفحص الدقيق.
ما الذي يقوله القرار – وما الذي لا يقوله؟
اعتمد القرار 2797 في أواخر أكتوبر 2025، وهو لا يتخلى عن الهدف القديم للأمم المتحدة والمتمثل في التوصل إلى حل سياسي يضمن حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية.
لم يُنشر النص بعد على موقع الأمم المتحدة، لكنه متاح للتنزيل هنا.
يشير النص إلى أن مجلس الأمن:
« يدعو الأطراف إلى الانخراط في هذه المناقشات دون شروط مسبقة، على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي، بهدف التوصل إلى حل سياسي نهائي ومقبول للطرفين يوفّر حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية… »
بمعنى آخر، يبقى تقرير المصير المبدأ الموجّه. لغـة المجلس دقيقة – وربما مقصودة. فهي لا تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، ولا تستبعد الاستقلال كخيار ممكن. وكما أشار خبراء القانون، لا يمكن قراءة القرار 2797 على أنه يلغي القاعدة الآمرة (jus cogens) لحق تقرير المصير.
ومع ذلك، تجد الأمم المتحدة نفسها الآن أمام مسار بالغ الحساسية. فالإشارة الصريحة إلى المقترح المغربي دون الإشارة بشكل مماثل إلى الموقف الصحراوي قد تُحدث انطباعًا باعتراف ضمني بالسيطرة المغربية – وهو ما يتعارض مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والممارسات السابقة للمنظمة.
تساءلت سيلفيا فالنتين، رئيسة منظمة مراقبة ثروات الصحراء الغربية:
« إذا بدأت الأمم المتحدة في التكيّف مع حالات الاحتلال الفعلي باسم الواقعية، فذلك سيسيّس سابقة خطيرة: هل نحن مستعدون لتسوية النزاعات الإقليمية خارج إطار القانون الدولي؟ ».
وفي الوقت نفسه، قد تضع الإشارة إلى خطة الحكم الذاتي ضغطًا على الرباط للكشف أخيرًا عما تتضمنه هذه الخطة. فبالرغم من الترويج لها منذ 2007، لم يُقدَّم المقترح في صيغة قانونية أو مؤسساتية مفصلة. وقد بدأت الرباط الحديث عن خطة الحكم الذاتي في أوائل الألفية. النقاط التي قدّمَتها لمجلس الأمن عام 2007 كانت قيد الإعداد منذ ما لا يقل عن أربع سنوات. وفي إحاطته للمجلس العام الماضي، دعا المبعوث الأممي الخاص ستافان دي ميستورا المغرب إلى توضيح كيف ستتيح الخطة « شكلًا موثوقًا وكريمًا من أشكال تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية، وبأي آليات ». وحتى اليوم لم تقدّم الرباط أي توضيح. وفي 10 نوفمبر 2025 أعلن الديوان الملكي عن مشاورات لـ »تنقيح مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب في إطار سيادته ووحدته الترابية ».
ومن المهم أيضًا التذكير بأن جبهة البوليساريو قدّمت بدورها مقترحًا للحل عام 2007 – وهو مقترح يُبقي جميع الخيارات مفتوحة، من الاستقلال إلى الاندماج مع المغرب، ليتم الاختيار عبر استفتاء حقيقي لتقرير المصير. لأول مرة، يغيب هذا الموقف عن لغة مجلس الأمن، رغم تأكيد الرئيس الصحراوي مؤخرًا استعداد البوليساريو للدخول في مفاوضات غير مشروطة وفق القانون الدولي.
وقد صيغ القرار وتفاوضت حوله الولايات المتحدة. الرئيس دونالد ترامب، الذي أعلن عام 2020 – عبر تغريدة – اعترافه بمطالبة المغرب غير المقبولة بالصحراء الغربية، يدفع منذ أشهر نحو « حل » النزاع قبل نهاية العام، في إطار مساعٍ أوسع مرتبطة باتفاقات أبراهام وسعيه لنيل جائزة نوبل للسلام.
انتقاد مبعوث أممي سابق
وجّه المبعوث الأممي السابق للصحراء الغربية، كريستوفر روس، انتقادات حادة للقرار، واصفًا إيّاه بأنه « خطوة إلى الوراء » تُضعف من حياد الأمم المتحدة. وفي مقال رأي حديث، يرى روس أن القرار 2797 يقوّض التوازن الذي حافظت عليه النصوص السابقة بين المقترحين المغربي والصحراوي.
وبحسب روس، فإن التركيز الجديد على خطة الحكم الذاتي يخاطر بـ »ترجيح كفة أحد الطرفين على حساب الآخر » ويهدد مصداقية عملية الوساطة الأممية. ويحذر من أن هذا التحول قد يقوّض قدرة المجلس على لعب دور الوسيط المحايد، وقد يشجع المغرب على تعزيز احتلاله.
ويذكّر روس، الذي شغل منصب المبعوث الشخصي للأمين العام من 2009 إلى 2017، بأن تقرير المصير – وليس الحكم الذاتي – هو الأساس القانوني والأخلاقي لانخراط الأمم المتحدة في الإقليم.
الثروات الطبيعية والإقصاء الاقتصادي
في الفترة التي سبقت قرار مجلس الأمن، سلط تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء الغربية (S/2025/612) الضوء على بُعدٍ حاسم غالبًا ما يتم تجاهله: استمرار استغلال ثروات الإقليم وإقصاء الصحراويين اقتصاديًا.
يشير الفقرة 73 إلى استمرار المخاوف بشأن عدم المساواة في فرص العمل والموارد. وتشير فقرات سابقة إلى أحكام محكمة العدل الأوروبية (CJEU) التي اعتبرت أن اتفاقيات التجارة والصيد بين الاتحاد الأوروبي والمغرب تنتهك حق الصحراويين في تقرير المصير عبر التعامل مع الصحراء الغربية كجزء من المغرب دون موافقتهم. وتشير الفقرة 71 إلى مراسلة أممية للمغرب بشأن « انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بمشاريع التنمية الساحلية التي تنطوي على الاستحواذ الواسع على الأراضي وتدمير الممتلكات الخاصة والتهجير ».
تؤكد هذه الإشارات أنّ الأنشطة الاقتصادية تبقى مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بوضع الإقليم غير المحسوم، وأن إقصاء الصحراويين عن القرار بشأن أرضهم وثرواتهم ما يزال قائمًا.
انتكاسة… لكنها ليست النهاية
يمثّل القرار 2797 مكسبًا دبلوماسيًا للمغرب، لكنه لا ينهي قضية الصحراء الغربية. ما تزال الأمم المتحدة تعتمد على مبدأ تقرير المصير، ولا يمكن لأي قرار من مجلس الأمن أن يمحو هذا الأساس القانوني.
والتحدي الآن يكمن في ضمان ألّا يسمح المجتمع الدولي لاعتبارات « الواقعية » و »التسوية » أن تتجاوز القانون الدولي. يبقى حق الشعب الصحراوي في تقرير مستقبله قائمًا – حتى لو طغت عليه مؤقتًا لغة السياسة.
ديناميات التصويت والسياق
صدر القرار 2797 القاضي بتمديد ولاية بعثة المينورسو لعام واحد بـ11 صوتًا مؤيدًا، مقابل 3 امتناعات (الصين، باكستان وروسيا – وكلها انتقدت غياب التوازن أو تراجع التأكيد على تقرير المصير) وعضو واحد رفض المشاركة في التصويت (الجزائر).
وأوضحت عدة دول مؤيدة موقفها بعد التصويت. فقد أكد ممثل كوريا الجنوبية أن النص لا يجب تفسيره على أنه يحدّد مسبقًا نتيجة المفاوضات. وشددت سلوفينيا على أن المحادثات يجب أن تجري « على قدم المساواة وبما يأخذ في الاعتبار مواقف ومقترحات جميع الأطراف »، بينما أكدت غيانا أن الحل يجب أن « يضمن حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية ».
أُنشئت المينورسو بموجب القرار 690 (1991)، بناءً على مقترحات التسوية لعام 1988 التي قبل بها المغرب والبوليساريو. وقد نصّت على فترة انتقالية تؤدي إلى استفتاء يختار فيه شعب الصحراء الغربية بين الاستقلال أو الاندماج مع المغرب. هذا الاستفتاء – الذي عُطّل من قبل المغرب – يبقى الوعد غير المنجز في قلب عملية السلام الأممية.
WSRW : المصدر