شعار الهاكر كريس كولمان الذي شكل كابوساً بالنسبة للمخزن المغربي
Tags : المغرب فرنسا عبد اللطيف الحموشي الهاكر كريس كولمان
عبد اللطيف حموشي يقف وراء فتورٍ في العلاقات بين باريس والرباط سنة 2014. والسبب في ذلك شكوى تقدّمت بها المنظمة غير الحكومية الفرنسية «العمل المسيحي من أجل إلغاء التعذيب» (ACAT) ضدّ رئيس مديرية مراقبة التراب الوطني (DST). فقد استغلت المنظمة سفر عبد اللطيف حموشي إلى باريس، في إطار لقاء جمع وزير الداخلية المغربي محمد حصّاد بنظرائه الأوروبيين، لتطالب السلطات الفرنسية بالاستماع إليه بخصوص ادعاءات تعذيب بحق مواطنين مغربيين اثنين هما: زكرياء مومني والنعمة أسفاري.
وقد وجّهت الشرطة الوطنية الفرنسية استدعاءً إلى مقر إقامة السفير المغربي في إطار سعي القضاء الفرنسي إلى الاستماع إلى عبد اللطيف حموشي. وردّاً على ذلك، عبّر المغرب عن استيائه باستدعاء السفير الفرنسي في الرباط، شارل فريس، ثم قام بعد أيام بتعليق التعاون القضائي مع فرنسا، كما قلّص التعاون في مجال الاستخبارات وذلك في وقت لم تضمد بعد جراحها من عمليات ارهابية معظم مرتكبيها من أصل مغربي،
وبعد ثلاثة أشهر من القطيعة الدبلوماسية بين الرباط وباريس، في 24 مايو 2014، كشف موقع «لو 360»، وهو صحيفة إلكترونية مغربية، عن هوية رئيسة أجهزة الاستخبارات الفرنسية في المغرب، المعتمدة في الرباط بصفة كاتبة ثانية في السفارة الفرنسية. واضطرت هذه المرأة، وهي برتبة مقدّم وتُلقّب بـ«اللبؤة» من قبل زملائها، إلى مغادرة البلاد على وجه السرعة. ووفقاً لصحيفة «لوموند»، فإن «لو 360» وسيلة إعلام «قريبة جداً من منير الماجدي، الكاتب الخاص للملك محمد السادس».
وبعد شهر، في 25 يونيو 2014، أُجريت مقابلة مع مصطفى أديب، أحد أشد المعارضين للنظام الملكي العلوي، للمرة الأولى على قناة «فرانس 24» الناطقة بالعربية، والتي تحظى بنسبة مشاهدة واسعة في المغرب العربي وتخصص جزءاً كبيراً من بثها للمنطقة. وأديب، وهو نقيب سابق في سلاح الجو كان قد ندّد بالفساد داخل الجيش ونُفي إلى باريس، ظهر لاحقاً بشكل منتظم على القناة العمومية الفرنسية.
وبعد ثلاثة أشهر، بدأ الحساب الوهمي «كريس كولمان» في إغراق موقع تويتر بوثائق ورسائل إلكترونية مغربية سرّية.
وقد أُغلق هذا الحساب الوهمي عدة مرات من قبل تويتر بناءً على طلب السلطات المغربية، لكنه كان يعود للظهور تحت أسماء أخرى، قبل أن يختفي نهائياً في مطلع يناير 2015. وفي نهاية الشهر نفسه، بدأ الملك محمد السادس عطلة في باريس، المدينة التي لم يزرها منذ أكثر من عام. وعلى الرغم من أن الزيارة كانت خاصة، فقد استُقبل من قبل الرئيس الفرنسي آنذاك، فرانسوا هولاند. وأكّد الطرفان عزمهما على «مكافحة الإرهاب معاً والتعاون الكامل في مجال الأمن».
وانتهت الأزمة سنة 2015 بالمصالحة الرسمية بين باريس والرباط، وبإصلاح الاتفاق القضائي بما يحدّ من صلاحيات القضاة الفرنسيين في التحقيق في الانتهاكات المرتكبة في المغرب. ورغم أن المديرية العامة للأمن الخارجي (DGSE) لم تعترف أبداً بتورطها، فإن شهادات لاحقة والعديد من المؤشرات توحي بأن أجهزة الاستخبارات الفرنسية استخدمت تلك التسريبات كوسيلة ضغط وانتقام من نظيرتها المغربية.
وكان لا يزال أمام فرنسا طريق طويل لتطبيع علاقاتها بالكامل مع المغرب. ففي يوليو 2015، صادقت الجمعية الوطنية الفرنسية على تعديل لبروتوكول التعاون القضائي الجنائي بين البلدين. وأصبح القضاة الفرنسيون عملياً عاجزين عن التحرك إذا كانت الأفعال المبلّغ عنها – أي ممارسة التعذيب – قد ارتُكبت في المغرب. وقد طعنت عدة منظمات حقوقية في دستورية هذا البروتوكول الجديد.
ولم تعترف المديرية العامة للأمن الخارجي، جهاز الاستخبارات الفرنسي، بأنها أمرت بنشر تلك التغريدات التي ألحقت ضرراً بالغاً بالجواسيس والدبلوماسيين المغاربة. غير أن العديد من المؤشرات تشير إلى أنها تقف وراء ذلك. وقد اعترف مصطفى أديب، النقيب السابق الذي كان يظهر كثيراً على شاشات التلفزيون آنذاك، في فبراير 2019 على صفحته في فيسبوك قائلاً: «إن ظهوراتي على قناة فرانس 24 كانت جزءاً من اتفاق أُبرم على أعلى مستوى مع أجهزة الاستخبارات الفرنسية».
وهكذا سمح أديب لنفسه بأن يُستغل من قبل المديرية العامة للأمن الخارجي في انتقامها من المديرية العامة للدراسات والمستندات المغربية (DGED). أما الأداة الأخرى، والأكثر فاعلية على الأرجح، فقد تمثلت في اختراق البريد الإلكتروني وأجهزة الحاسوب التابعة لأجهزة الاستخبارات والدبلوماسية المغربية، ثم نشر جزء صغير من المعلومات المسروقة على شبكة الإنترنت.
المغرب #فرنسا #عبد_اللطيف_الحموشي #الهاكر_كريس_كولمان#