Tags: المغرب, ,الجزائر, فرنسا, إسرائيل, الإمارات العربية المتحدة,
محمد قنديل – مدون، ناشط حقوقي وسياسي مغربي مستقل
في المغرب اليوم، تتكلم الأرقام والوقائع قبل الكلمات.. إقتصاد منهار، شركات أجنبية تغادر بلا عودة، صفقات إستراتيجية مجمّدة أو ملغاة، ديون تتضخم ككرة ثلج، تعليم يحتضر، صحة ميتة، وعدالة دُفنت منذ زمن، وفي المقابل، قمة السلطة السياسية والإقتصادية (( المتمثلة في تحالف الملكية والمخزن )) تواصل نهب خيرات البلاد وتخدير العباد، تحت حماية إحتلال متعدد الجنسيات.. فرنسا، الصهاينة، والإماراتيون.
النظام يعيش حالة تحلل داخلي.. صراعات على العرش، تقاتل بين أجنحة المخابرات، وفساد على أعلى المستويات، ولتعويض عجزه في تحقيق أي إستقرار، يلجأ إلى سياسات عبثية كتوطين الآلاف من أفارقة جنوب الصحراء على حساب الشعب المغربي.
لكن المدهش (( والمثير للشفقة )) ليس فقط خراب الدولة، بل الخراب الذهني لجزء كبير من المجتمع، خاصة ** العياشة ** وأبواق النظام وصحافته الصفراء، فهؤلاء حوّلوا الجزائر إلى شماعة يعلقون عليها كل مصيبة :
🔹️إنهيار الإقتصاد؟؟ سببه الجزائر.
🔹️فشل المشاريع؟؟ سببه الجزائر.
🔹️تراكم الفساد؟؟ سببه الجزائر.
🔹️جلب الحماية؟؟ سببه الجزائر.
🔹️تدفق أفارقة جنوب الصحراء؟؟ سببه الجزائر.
🔹️حتى المطر إذا لم ينزل، فالجزائر » أكيد وراء ذلك « !!.
هذا الهوس المرضي بالجزائر تحوّل إلى طاعون نفسي، يمسّ المنطق ويدمر أي قدرة على التفكير النقدي.. لم يعد لديهم إستعداد لمواجهة الحقيقة المتمثلة في كون العدو الحقيقي هو في الداخل، جالس على كرسي الحكم، ينهب ويفسد ويتحالف مع الغرب والصهاينة لتأبيد سلطته.
الأدهى من ذلك أن الإستهداف لا يقتصر على الداخل، بل يمتد حتى إلى معارضي الخارج، ونحن في مقدمتهم.. نحن الذين اضطررنا لمغادرة الوطن بسبب القمع والتهديد، نجد أنفسنا عرضة لأبشع صنوف السب والشتم من طرف ** العياشة ** وأبواق النظام، بل وحتى من بعض من يدّعون المعارضة في الداخل. يكفي أن نكتب، أو نعبر عن رأي، أو ننتقد كارثة إقتصادية أو فضيحة سياسية، حتى ينهالوا علينا بالإتهامات الجاهزة :
** إنفصالي ** ، ** عميل للجزائر**، ** خائن للوطن **…
هذه ليست مجرد شتائم، بل هي محاولة منهجية لتشويه سمعتنا وكسر مصداقيتنا، حتى لا تُسمع أصواتنا ولا تصل رسائلنا إلى الشعب.. لكن المفارقة أن هذه التهم، التي يعتقدون أنها عار، هي في الحقيقة وسام شرف، لأنها تعني أننا خارج قطيعهم، منفصلون عن واقعهم البائس، ورافضون أن نكون جزءًا من مسرحية الولاء للمخزن والملكية.
في علم السياسة، تُعرف هذه الظاهرة《 بصناعة العدو 》 (( Enemy Construction ))، وهي إستراتيجية كلاسيكية تتبعها الأنظمة الإستبدادية منذ قرون.. تقوم الفكرة على خلق أو تضخيم تهديد خارجي (( حقيقي أو وهمي )) لتحويل الأنظار عن الأزمات الداخلية، وحشد الشعب خلف السلطة بحجة ** الدفاع عن الوطن **.
النظام المغربي، عبر آلته الإعلامية وأجهزته الدعائية، جعل من الجزائر ** العدو الأبدي ** الذي يفسر به كل إخفاق، من إنهيار الإقتصاد إلى أزمة الماء.. الهدف ليس إقناع الجميع بالحقيقة، بل تكوين بيئة نفسية تجعل المواطن يخشى التفكير خارج هذه المعادلة، لأن أي نقد داخلي يُترجم فورًا إلى خيانة وطنية.
هذه السياسة تقتل التفكير النقدي وتُبقي الشعوب أسيرة الخوف، لكنها تحمل في داخلها بذور فشلها، لأن الأكاذيب، مهما طال عمرها، لا تستطيع أن تطعم جائعًا أو تشفي مريضًا أو تعيد كرامة ضائعة.
الخلاصة : عقدة الجزائر ليست مجرد دعاية سياسية، بل أداة نفسية لتخدير العقول وتحويل الغضب الشعبي عن أصل المشكلة.. تحالف المخزن والملكية، إنها سياسة ** عدو خارجي دائم ** لتبرير القمع والفشل، لكن التاريخ يثبت أن هذه الأكاذيب لا تدوم… وأن الشعوب حين تصحو، لا تعود إلى النوم.