لكن زيارة جاكوب زوما إلى المغرب في يوليو 2025، ومشاركته في إجتماع مع مسؤولين مغاربة رُفعت فيه أعلام جنوب إفريقيا، مثلت إستفزازًا رمزيًا خطيرًا، إستدعى ردًا حادًا من قيادة حزب ANC، التي اعتبرت أن زوما إنحاز إلى خطاب الإحتلال، وحاول إضفاء " شرعية كاذبة " على سياسة الأمر الواقع التي ينتهجها النظام المغربي.
Tags : المغرب جبهة البوليساريو الصحراء الغربية جنوب إفريقيا
محمد قنديل – مدون وناشط سياسي وحقوقي مغربي
مقدمة :
في خضم صراع طويل الأمد بين المغرب وجبهة البوليساريو حول الصحراء الغربية، والذي يعتبره المجتمع الدولي إقليمًا غير متمتع بالحكم الذاتي وفقًا لقرارات الأمم المتحدة، تفجرت موجة غضب سياسي جديدة في جنوب إفريقيا بعد زيارة الرئيس السابق جاكوب زوما إلى المغرب، ودعمه الصريح لمقترح » الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية « ، الرد جاء عنيفًا من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي ( ANC )، مما سلط الضوء مجددًا على البعد الجيوسياسي للقضية، وموقعها داخل إنقسامات إفريقيا ما بعد الإستعمار.
جوهر الخلاف : المبادئ التحررية في مواجهة الإصطفاف المصلحي
منذ عهد نيلسون مانديلا، إتخذت جنوب إفريقيا موقفًا مبدئيًا ثابتًا إلى جانب حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، إنسجامًا مع القيم التي نشأت عليها الحركة التحررية ضد نظام الأبارتهايد. وقد تجلى هذا الإلتزام في دعمها المتواصل لجبهة البوليساريو، ورفضها القاطع لأي محاولة لشرعنة الإحتلال المغربي للصحراء الغربية.
لكن زيارة جاكوب زوما إلى المغرب في يوليو 2025، ومشاركته في إجتماع مع مسؤولين مغاربة رُفعت فيه أعلام جنوب إفريقيا، مثلت إستفزازًا رمزيًا خطيرًا، إستدعى ردًا حادًا من قيادة حزب ANC، التي اعتبرت أن زوما إنحاز إلى خطاب الإحتلال، وحاول إضفاء » شرعية كاذبة » على سياسة الأمر الواقع التي ينتهجها النظام المغربي.
بيان ANC : رفض قاطع وتأكيد على مبدئية الموقف
في بيانه الرسمي، أكد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي أن ما قام به زوما لا يمثل الدولة الجنوب إفريقية، بل يتعارض صراحة مع دستورها وسياساتها الخارجية، مطالبًا المغرب بإعتذار رسمي لإستخدام علم الدولة في سياق دعائي.
هذا الموقف لم يكن سياسيًا فقط، بل يحمل دلالة قانونية ودبلوماسية مفادها أن :
جنوب إفريقيا لا تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
أي محاولة للترويج لعكس ذلك تمثل » تضليلًا للرأي العام الدولي « ، وتندرج في خانة » الإستعمار الجديد « .
أبعاد الصراع : بين الشرعية الدولية وسياسات شراء الذمم
إن تحركات النظام المغربي، سواء عبر إستمالة شخصيات سياسية إفريقية، أو الترويج لخطاب » الحكم الذاتي « ، تأتي في إطار إستراتيجية تهدف إلى إجهاض حق تقرير المصير، الذي أقرته الأمم المتحدة بوضوح في قراراتها، وأكدته محكمة العدل الدولية منذ سنة 1975.
لكن الدعم المغربي المتزايد من قبل بعض الأنظمة أو الأحزاب لا يعكس واقعًا قانونيًا أو أخلاقيًا، بل هو نتاج ما يمكن وصفه
» بديبلوماسية الصفقات » التي يوظف فيها المغرب أدوات مثل :
الإستثمارات المشروطة
المساعدات التنموية مقابل المواقف
الضغط عبر شركاء دوليين مثل فرنسا أو إسرائيل
إلا أن حالة جنوب إفريقيا تؤكد أن الشرعية الدولية لا تُشترى ولا تُباع، وأن صوت الشعوب المحبة للحرية لا يمكن إسكاتُه بالمال أو النفوذ.
ردود الفعل : إنقسام داخلي لكنه غير متكافئ
في الداخل الجنوب إفريقي، إنقسمت الأصوات :
حزب EFF ( مقاتلو الحرية الاقتصادية ) وصفوا زوما » بالخائن « ، معتبرين أن تحالفه مع المغرب يُهين تاريخ جنوب إفريقيا التحرري.
حزب ANC وصف ما حدث » بالعار الدبلوماسي « ، وأكد أن جاكوب زوما خان الإرث التحرري الذي حمله معه حينما كان رئيسًا.
أما حزب MK ( الذي يقوده زوما )، فحاول تبرير الخطوة بإعتبارها » تحركًا مستقلًا « ، لكن الرأي العام إعتبرها تطبيعًا وقحًا مع دولة إحتلال.
الرسائل المستخلصة :
جنوب إفريقيا تجدد دعمها الثابت للشعب الصحراوي، وتؤكد أن الحق لا يسقط بالتقادم ولا يمكن الإلتفاف عليه بتحالفات مشبوهة.
النظام المغربي يواصل توظيف المال والنفوذ لشراء المواقف السياسية، وهو ما يجب مواجهته بكشف الحقيقية لا بالصمت.
الشعوب الإفريقية والعالمية لا تزال تنبض بروح التحرر، وموقف ANC نموذج يجب أن يُحتذى به عربيًا وإفريقيًا.
حق تقرير المصير ليس خيارًا سياسيًا بل إلتزام قانوني وأخلاقي، وعلى المجتمع الدولي < خاصة الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي > أن يتحرك لتفعيله.
خاتمة :
بين تطبيع زوما ومعارضة رامافوزا، تنتصر المبادئ على المصالح، وتبقى قضية الصحراء الغربية إحدى آخر معارك التحرر الحقيقي في إفريقيا.
إن دعمنا لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ليس إنحيازًا لجبهة أو خيار سياسي، بل هو إنحياز للعدل، وللقانون الدولي، ولصوت الشعوب المقهورة.
🇿🇦 مصادر إعلامية جنوب أفريقية :
IOL – “Zuma’s visit to Morocco described as ‘betrayal’ of the Western Sahara”
يناقش كيف تم تصوير زيارة زوما إلى المغرب في 15 يوليو 2025 على أنها « خيانة » لدعم جنوب إفريقيا التقليدي للصحراويين، مع انتقادات من شخصيات مثل فلويد شيفامبو وفكلي مبلولا .
News24 – “Zuma’s MK Party sparks ANC fury over Western Sahara policy shift, SA flag use”
يغطي إدانة ANC لاستخدام العلم الجنوب أفريقي في الاجتماع الرباعي مع المغرب ويشمل تصريحات رسمية لجهات الحزب الحاكم .
News24 – “‘Zuma is no messiah; he’s a sellout of note’: Mbalula slams MK Party’s Morocco stance”
يحلل تصريحات الأمين العام للـANC، فكلي مبلولا، الذي وصف زوما بأنه “خائن من الطراز العالي” .
TimesLIVE – “Malema slams ‘sellout’ Zuma’s Morocco visit”
يغطي رأي جوليوس مالما (حزب EFF)، الذي وصف موقف زوما بأنه “تخلي تام”، مؤكداً دعم حزبه لحق الصحراويين في تقرير المصير .
Central News – “ANC Accuses Zuma of Undermining SA Sovereignty After Morocco Endorsement”
وثيقة رسمية تصف خطوة زوما بأنها تقويض لسيادة جنوب إفريقيا، وتطالب مكتب الشؤون الدولية بإرسال احتجاج دبلوماسي إلى المغرب.
Source : Mohamed Qandyl (Facebook)
المغرب #جبهة_البوليساريو #الصحراء_الغربية #جنوب_إفريقيا#