نقاط الحوار لقاء وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي مع السيدة آشتون حول الوثيقة الأوروبية الصادرة (على هامش أشغال الجمعية العامة بنيويورك)

المغرب    الاتحاد الاوروبي 

أصدرت المفوضية الأوروبية بتاريخ 17/12/2012 وثيقة اقترحت فيها، أخذا بعين الاعتبار الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المنطقة المغاربية، حزمة من الإجراءات والتدابير، التي يرى الاتحاد الأوروبي أنها قادرة على تحريك المياه الراكدة في الضفة الجنوبية لغرب المتوسط، بما يكفل دعم وتعزيز مسار الاندماجي المغاربي المتعثر لحد الآن.

إن الوثيقة الأوروبية وثيقة داخلية ونهائية موجهة من الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية إلى مجموعة من المؤسسات الأوروبية بشأن موقف الاتحاد الأوروبي من واقع التعاون بين الدول المغاربية وتصوراته لدعم الاندماج الإقليمي في المنطقة المغاربية.



توصل السيد رئيس الحكومة برسالة من السيدة كاترين أشتون، الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بتاريخ 30/01/2013 استعرضت فيها المحاور الرئيسية للوثيقة والهدف منها، وأفادت بأنها كلفت رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي بالرباط بالاتصال بهذه الوزارة لمعرفة رأي الحكومة المغربية بشأن المقترحات الواردة في « الوثيقة ».


الاتحاد الأوربي، من خلال وثيقته هذه، أكد التزامه بتعميق علاقاته مع الدول المغاربية، إلى جانب المنظمات الجهوية القائمة لمواجهة التحديات المشتركة، وذلك عن طريق التشاور والحوار وتسهيل التعاون بين المنطقة المغاربية والضفة الشمالية من خلال الآليات الإقليمية الموجودة كالاتحاد من أجل المتوسط ومجموعة 5+5، وكذا الاستفادة من البعد الإفريقي للمنطقة، التي تشكل صلة وصل مع القارة الإفريقية في إطار الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوربي- إفريقيا.



ركزت المقترحات الأوروبية، بالأساس، على مطالبة الدول المغاربية بتبني مزيد من الإصلاحات السياسية والديمقراطية وإدماج المجتمع المدني مقابل حزمة من التدابير التقنية والعملية لدعم الكفاءات والقدرات والمصاحبة في تنفيذ المشاريع ودعم التعليم العالي والبحث العلمي والتكوين لإيجاد مناخ مناسب لترسيخ الآليات الكفيلة بالبناء الديمقراطي الحقيقي، وإرساء ثقافة دولة الحق والقانون والعدالة الاجتماعية، وتقوية الاقتصاد التضامني من خلال دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة وخلق فرص الشغل، خاصة في المجالات الواعدة المرتبطة بالزراعة والتجارة ومجالات الطاقات البديلة والنقل والبنيات الأساسية والبيئة والتكنولوجيات الحديثة. ولم تغفل الوثيقة الأوروبية كذلك مجالات الهجرة والتنقل، والوقاية المدنية والدعم لمكافحة الكوارث الطبيعية.



اعتبرت الوثيقة الدول المغاربية المسؤول الرئيسي عن مكافحة الإرهاب والاتجار بالأسلحة والمخدرات والبشر…

الاتحاد الأوروبي يدعم جميع الجهود المغاربية الرامية لمواجهة هذه التهديدات، ويرى أن النزاعات القديمة والتي لم يتم حلها، إلى جانب الصراعات الحالية تشكل تهديدات حقيقية بالمنطقة. كما أن انعدام الأمن والاستقرار بمنطقة الساحل والصحراء يشكل تهديدا محتملا لأمن الاتحاد الأوروبي.



مواجهة هذه التحديات الأمنية غير المسبوقة، حسب الوثيقة، تستوجب مزيدا من التعاون والتنسيق مع دول المنطقة، وكذا مضاعفة الجهود الكفيلة بوقف تهريب المواد الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية والنووية.

يعتبر الاتحاد الأوروبي الاندماج المغاربي ضرورة لدول الاتحاد ولمحيطها الأوربي، وأن إقامة فضاء مغاربي للاستقرار والازدهار على أساس المسؤولية الديمقراطية ودولة القانون يعد الهدف الرئيسي لعلاقاته الثنائية، والذي لا يمكن تحقيقه سوى عبر مقاربة إقليمية.



أعرب الاتحاد الأوروبي عن استعداده لدعم العديد من المبادرات في ميادين متعددة من خلال مجموعة من الآليات بدء من تعميق الحوار السياسي مرورا بالمساعدة التقنية وانتهاء بمشاريع محددة.

بمبادرة ليبية انعقد بمقر الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي يومي 4 و5 أبريل 2013 الاجتماع الأول على مستوى كبار الموظفين بالدول الأعضاء باتحاد المغرب العربي، وذلك لمناقشة الوثيقة  » La Communication  » الصادرة عن المفوضية الأوروبية بمشاركة بلادنا ممثلة بمديريتي المغرب الكبير وشؤون اتحاد المغرب العربي ومديرية الاتحاد الأوروبي والمسلسلات المتوسطية .

توصل كبار الموظفين إلى جرد عدد من الملاحظات الأولية، والتي يمكن إبرازها على النحو التالي:

الوثيقة تعكس الاهتمام الأوروبي بتعزيز علاقات التعاون مع دول اتحاد المغرب العربي ودعم الجهود المبذولة من قبل الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي لإرساء فضاء مغاربي متكامل ومندمج.

تتضمن أفكارا مهمة يمكن أن تشكل الأرضية للانطلاق نحو حوار أعمق بين الاتحاد الأوروبي واتحاد المغرب العربي، استكمالا لباقي المسارات الثنائية ومتعددة الأطراف.

اقتصرت الوثيقة على تصورات عامة دون الإشارة إلى التزامات واضحة قابلة للتنفيذ، كما أنها لم تولي نفس الاهتمام لكل القطاعات الحيوية، وركزت على مواضيع بعينها خاصة تلك المتعلقة بالتهديدات الأمنية والهجرة غير الشرعية وحقوق الإنسان وإدماج المجتمع المدني والطاقة والتجارة والبيئة.

أغفلت المقترحات الأوروبية بعض المواضيع ذات الأهمية بالنسبة للمنطقة المغاربية على غرار نقل التكنولوجيات العالية والمتطورة والاستثمار والفلاحة ومكافحة التصحر والبنية الأساسية والسياحة إلخ…

اقترح كبار الموظفين، خلال اجتماعهم الأول، إدراج قضايا ذات الأولوية بالنسبة لدول الاتحاد في صلب هذه المبادرة، ووضع آلية لتعزيز الحوار السياسي بين المجموعتين ليشمل جميع المجالات.

دعم القطاع الفلاحي المغاربي، انطلاقا من الرؤية الاستراتيجية المغاربية للأمن الغذائي، وكذا جميع مبادرات مكافحة التصحر، بما في ذلك الخطة المغاربية 2011-2020.

تعزيز حماية الموارد البحرية والتنوع البيولوجي البحري والحد من التلوث بالبحر المتوسط.
التجاوب مع الطلبات المقدمة من طرف اتحاد المغرب العربي لإنجاز مشاريع البنية التحتية والخدمات اللوجستية.

تمويل ومواكبة المشاريع المهيكلة كمشروع الربط القار بين القارة الأوروبية والإفريقية عبر مضيق جبل طارق.

المساعدة على وضع برامج لنقل التكنولوجيات النظيفة، ودعم برامج التكوين والتأهيل وبناء القدرات والتدريب المتخصص في جميع المجالات.

تشجيع التواصل بين المتعاملين الاقتصاديين وأصحاب الأعمال من الجانبين، بما في ذلك تيسير إجراءات ولوج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بدول الاتحاد إلى مصادر التمويل الأوروبية قصد دعم قدراتها الانتاجية والتمويلية والتصديرية.

دعم الشباب المغاربي وتشجيعه على الاندماج في النسيج الاقتصادي المغاربي.
إيلاء المزيد من الأهمية للبعد البشري في العلاقات بين المجموعتين من خلال تسهيل تنقل الأشخاص.

تنفيذا لتوصيات مجلس وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي (د. 31 بالرباط 5/5/2013)، انعقد بمقر الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي يومي27 و28 ماي 2013 الاجتماع الثاني على مستوى كبار الموظفين بدول الاتحاد لاستكمال مناقشة الوثيقة، الذين توصلوا إلى أن الوثيقة:

تشكل الوثيقة أرضية للانطلاق نحو حوار أعمق بين الاتحاد الأوروبي واتحاد المغرب العربي، وإطارا مكملا لباقي المسارات الثنائية والمتعددة الأطراف.

لم تشر الوثيقة إلى أي التزامات واضحة قابلة للتنفيذ، وركزت على مواضيع بعينها تتعلق بالتهديدات الأمنية والهجرة غير الشرعية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني والطاقة والتجارة والبيئة.

أغفلت الوثيقة مواضيع ذات أهمية بالنسبة للمنطقة المغاربية من قبيل نقل التكنولوجيات المتطورة والاستثمار والفلاحة ومكافحة التصحر والبنية الأساسية والسياحة إلخ…

اقترح ممثلو الدول الأعضاء تصورا يتضمن القضايا ذات الأولوية مغاربيا، وفق مقترحات القطاعات الوزارية، وكلفوا الأمانة العامة بعرضه على وزارات خارجية الدول المغاربية لإبداء الرأي، ويتضمن هذا التصور المجالات الرئيسية الثلاثة التالية:

المجال السياسي: تم اقتراح وضع آلية للحوار السياسي بين الجانبين لتعميق التشاور حول المسائل ذات الاهتمام المشترك.

المجال الأمني: تمت الدعوة إلى تعزيز الحوار والتعاون بخصوص القضايا الأمنية التي تهمّ الجانبين، وفق المقاربة الأمنية المغاربية المشتركة (قيد الإعداد).

القطاعات الفنية: تم اقتراح إنشاء لجان قطاعية على مستوى الخبراء لإرساء شراكة في مجالات الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري والماء والبيئة والبنية التحتية والصناعة والاستثمار والسياحة والتعليم العالي والبحث العلم ونقل التكنولوجيات الحديثة والجاليات المغاربية وتنقل وإقامة الأشخاص ومجال الأعمال والتأهيل والتكوين وبناء القدرات.

سعت الجزائر خلال الاجتماع الأول والثاني لكبار الموظفين إلى عرقلة بلورة موقف مغاربي إيجابي وداعم للوثيقة، وذلك بذريعة معارضتها للتدخل الأوروبي في شؤون المنطقة المغاربية وفرض رؤيتهم عليها.

الموقف الجزائري يهدف إلى نسف ومقاومة كل الجهود الرامية إلى تحقيق الإندماج المغاربي، بما في ذلك الجهود الأوروبية.

الجزائر لن تذخر جهدا، وكعادتها، لتعويم النقاش شكلا ومضمونا، وإفراغه من محتواه، كلما تعلق الأمر باتحاد المغرب العربي.

أجرى السيد الحبيب بن يحيى، أمين عام اتحاد المغرب العربي لقاء ببروكسيل يوم 16 يوليوز 2013 بالسيد ستيفان فال، المفوض الأوربي لشؤون سياسة الجوار، تم خلاله مناقشة مقترحات التعاون الأوربي في مجال الاندماج المغاربي الواردة في الوثيقة الأوربية، والتي همت النقط التالية:

تحديد الجانب المغاربي لأولوياته القطاعية، خاصة في مجالات التنمية القروية، والتصحر، والتغيرات المناخية؛ والبنية التحتية، فضلا عن مواضيع أخرى تتعلق بالتجارة البينية وتطوير دور القطاع الخاص والشباب؛

الدعوة إلى عقد اجتماعات وزارية قطاعية بين وزراء دول اتحاد المغرب العربي والمفوض الأوربي؛

إجراء مشاورات سياسية بين وزراء الخارجية بدول اتحاد المغرب العربي والممثلة السامية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية وتبادل وجهات النظر بخصوص الوثيقة الأوربية على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في شتنبر 2013؛

التأكيد على الأولويات التي تم تحديدها من قبل الجانبين خلال اللقاءات المنعقدة سنة 2008؛
اقتراح اجتماع كبار الموظفين المغاربيين والأوربيين يومي 12 و13 شتنبر2013، بمقر الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي بالرباط، لدراسة إمكانية تعميق البحث في مجال التعاون بين المجموعتين.

تبرز المقترحات الواردة أعلاه الأهمية الكبرى، التي بات يوليها الاتحاد الأوروبي لمحيطه الجنوبي، وذلك من خلال التزامه بدعم مسلسل للاندماج المتقدم في المنطقة المغاربية، وما لذلك من نتائج إيجابية مباشرة على مصالحه الحيوية في المنطقة؛ غير أن ذلك لن يتحقق دون بذل الدول المغاربية مزيدا من الجهود لبلوغ الإندماج المنشود.